الاثنين، يونيو 11، 2012

مسئولية مَن ؟؟

جلست هدى البالغة من العمر 17 عاما في شرفة منزلها تتصفح إحدى الجرائد وفي الداخل وقفت الخادمة تتأملها ..

فقد كانت هدى جميلة الهيئة تمتلك جسدا رشيقا ، فهي هيفاء القد ، تمتلك وجها ملائكيا ، وكان كل من ينظر إليها يعطيها عمرا في منتصف العشرينات وتكون الصدمة حين يعلموا إنها لا تزال في السابعة عشر فقط . و....

" هدى ماذا تفعلين ؟ "

دخل صوت والد هدى ليقطع تفكير الخادمة ويجعلها تنتبه لعملها وتترك هدى التي التفتت لوالدها لتقول له :

أطالع عدة أخبار يا أبي ، كيف حالك ؟ وإلى أين في يوم أجازتك ؟

ربت والدها على شعرها بحنان وقال :

أخرج للعمل يا عزيزتي ، والدتك في الداخل ، حين تنتهين ادخلي لها لتجلسي معها .

أومأت هدى برأسها إيجابا وجلست تتابع ما تفعله ثم نهضت ودخلت إلى والدتها ولكنها تسمرت في مكانها فما سمعته كان مفاجئا ولم يكن متوقعا

بتاتا ..

*********

كانت والدتها تتحدث في الهاتف والواضح أن من يحادثها كان ذكرا وكانت تتحدث بكل هدوء وثقة واستمعت لها وهي تقول :

أجل ، لقد خرج منذ قليل ، إن هدى هنا معي هي والخادمة ، لا أعلم جيدا ماذا سيتم ؟ ، ولكن ، اممم ،حسنا فلنجعلها للغد ، لحين تخرج هدى إلى المدرسة وتكون راحة الخادمة .

ثم صمتت وقالت :

أجل ، صدقي أيضا لن يكون موجودا أهذا سؤال ؟

واستعت لمن يحادثها وردت :

حسنا سأنتظرك غدا على أحر من الجمر، إلى اللقاء .

أنصتت هدى إلى المكالمة ، لم تكن تتخيل أن تكون والدتها مقياس العفة والشرف خائنة لوالدها ، الذي اخبرها عن مقدار حبهما ، ذلك الحب الذي جمعهما وكانت ثمرته هدى نفسها .

لم تكن تتصور أن يكون هذا هو الثمن الذي تدفعه أمها لإخلاص والدها لها وحين دخلت سألتها والدتها :

هدى ، حبيبتي انتِ هنا منذ متى ؟

ابتسمت هدى بشحوب وردت :

لقد أتيت حالا .

أجلستها بجوارها وسألت :

ماذا بكِ لماذا أراكِ شاحبة الوجه ؟ هل انتِ على ما يرام ؟

اومأت هدى برأسها علامة الإيجاب وتمتمت :

بخير ولكني أعاني بعض الصداع .

نهضت واستأذنت في الصعود وهي مقررة إنها ستظل قابعة في البيت غدا .

لكن دون أن تعلم أمها حتى تعلم من هذا الوغد الذي تحادثه أمها ولكنها كانت مترددة هل تعلم أباها أم لا ؟

**********

هل ستتأخر اليوم ؟

قالتها يسرا لصدقي وهي تساعده في إرتداء المعطف فأومأ برأسه إيجابا وهتف :

لدي صفقة كبيرة ، ادعي لي أن تتم على خير .

همست يسرا في أذنه بعدة كلمات فابتسم وطبع قبلة على وجنتها وخرج.

تابعته هدى ونظرت لوالدتها وهي تشعر باحتقار ورغبة في الغثيان ، فكيف تستمر والدتها في خداع والدها بتلك الطريقة .

هل هكذا تكون والدتها ؟

" هدى ألن تذهبي إلى المدرسة اليوم ؟ "

انتزعها سؤال والدتها فردت :

أنا اشعر ببعض الصداع لهذا لن اذهب اليوم .

صمتت والدتها قليلا ثم قالت :

حسنا ، اصعدي إلى غرفتك لترتاحي قليلا .

غادرت هدى إلى غرفتها مسرعة وحين دخلت رفعت سماعة الهاتف لتجد ما كانت تتوقعه ، فكانت والدتها تستخدم الهاتف وسمعتها تقول :

لا تحضر اليوم ، الفتاة هنا ، لا استطيع أن أقابلك ، حين تتاح الفرصة سوف أخبرك لكي تأتي .

هنا تأكدت هدى من حقيقة أمها ، وظلت طوال خمس دقائق لا تستطيع التحرك من مكانها ..

فأمها نبع الحنان ، القدوة والمثال الأعلى لكل فتاة ، كاتمة اسرارها ، تكون بمثل تلك الصفة ..

امرأة مخلة ، ساقطة ، عاهرة ، غير شريفة ، بل وتخون رجلا شريفا مثل أبيها .

حاولت أن تتماسك ولكنا تهاوت على السرير محدقة في سقف غرفتها وتفكر...

ماذا ستفعل ؟

هل تخبر أباها ؟ أم تصمت حفاظا على كيان المنزل ، وماذا سيفعل أباها حين يعلم ؟

هل سيطلق أمها أم سيقتلها ؟

توقفت قليلا حين بلغ عقلها تلك النقطة ، ثم قررت أن تفاتح أباها وأن تخبره مهما كان الأمر ، وكان قرارا مصيريا ..

*********

صباح الخير .

دخلت هدى من باب مكتب والدها ، فالتفت إليها ورد :

صباح الأنوار ، كيف حالك يا صغيرتي ؟

قالت هدى :

الحمد لله يا أبي ، هل لي أن افاتحك في موضوع ؟

أشار لها أباها أن تتحدث فازدردت ريقها وتنحنحت ثم قالت بحدة وسرعة :

أمي تخونك .

توقف والدها عما كان يفعله ، ونظر لها مندهشا ثم نهض من خلف مكتبه وصاح بها في صرامة :

ماذا قلتِ ؟ وكيف تتفوهين بمثل هذا الكلام ؟

سردت له هدى كل ما حدث وكل شئ حتى مكالمة الهاتف الأخيرة ثم توقفت لترى ردة فعله وكانت صدمة قاسية عليها ...

فلم تكن تتوقع ردة الفعل

مطلقا ..

*********

( هذا هو خطابي إليك أيها القاضي ، فحين علمت أن تلك المرأة التي يُقال إنها أنجبتني ، عاهرة وتتاجر بجسدها ويعاونها في ذلك هذا الرجل الذي أحمل اسمه وراء اسمي ويعمل فيما حرمه الله ، وحين اعترف لي وأحضرها لكي يقولا لي – هو وهي – إنهما يعملان في الدعارة والعهر وتجارة المخدرات وأن الدور قد حان لكي أساعدهما في عملهما فوافقت وجاريتهما في الأمر حتى وضعت لهما السم وقتلتهما حتى أنقذ الناس من شرورهما ، ولقد سلمت نفسي للنيابة العامة واعترفت بجريمتي وتركت لك تلك الرسالة حتى تعلم الحقيقة بعد حكمك عليّ

الصغيرة

هدى )

طوى المستشار ابراهيم رسالة هدى ومسح دمعة فرت من عينه ونظر إلى زميله في القضية وقال بحزن :

لقد جنى هذان الشخصان على تلك الصغيرة ، فها هي تدفع ثمن عمل يحاكمها عليه القانون ولكني كإنسان لأعطيتها وساما على ما فعلته .

نظر له زميله ورد :

هذه مشيئة الله يا إبراهيم ، لقد صدر الحكم وانت لم تكن تعلم ، فلها المصير الذي ينتظرها .

هز المستشار إبراهيم رأسه إيجابا وصاح :

إنها مشيئة الله ، ولقد كانت حازمة في قرارها ، أتعلم إن فكر كل فرد فيما تعانيه أسرته من جراء أعماله لإرتاح كل من في العالم ولم تكن تلك الصغيرة تدفع مسئولية غيرها .

صدّق زميله على كلامه وقال :

اجل يجب أن يدرك كل فرد معنى المسئولية ، حتى لا يتحمل فرد مسئولية غيره دائما .

( تمت ) .

I.M.S.A

M.SM.O

هناك تعليقان (2):

خد راحتك في الجنان معنا حرية الرأي مكفولة للجميع حتي لو هتجنن علينا
نظرا لوجود مشاكل في نظام التعليقات لغير معرفين برجاء عدم التعليق بغير معرف منعا لاختفاء التعليقات