جلست هدى البالغة من العمر 17 عاما في شرفة منزلها تتصفح إحدى الجرائد وفي الداخل وقفت الخادمة تتأملها ..
فقد كانت هدى جميلة الهيئة تمتلك جسدا رشيقا ، فهي هيفاء القد ، تمتلك وجها ملائكيا ، وكان كل من ينظر إليها يعطيها عمرا في منتصف العشرينات وتكون الصدمة حين يعلموا إنها لا تزال في السابعة عشر فقط . و....
" هدى ماذا تفعلين ؟ "
دخل صوت والد هدى ليقطع تفكير الخادمة ويجعلها تنتبه لعملها وتترك هدى التي التفتت لوالدها لتقول له :
أطالع عدة أخبار يا أبي ، كيف حالك ؟ وإلى أين في يوم أجازتك ؟
ربت والدها على شعرها بحنان وقال :
أخرج للعمل يا عزيزتي ، والدتك في الداخل ، حين تنتهين ادخلي لها لتجلسي معها .
أومأت هدى برأسها إيجابا وجلست تتابع ما تفعله ثم نهضت ودخلت إلى والدتها ولكنها تسمرت في مكانها فما سمعته كان مفاجئا ولم يكن متوقعا
بتاتا ..
*********
كانت والدتها تتحدث في الهاتف والواضح أن من يحادثها كان ذكرا وكانت تتحدث بكل هدوء وثقة واستمعت لها وهي تقول :
أجل ، لقد خرج منذ قليل ، إن هدى هنا معي هي والخادمة ، لا أعلم جيدا ماذا سيتم ؟ ، ولكن ، اممم ،حسنا فلنجعلها للغد ، لحين تخرج هدى إلى المدرسة وتكون راحة الخادمة .
ثم صمتت وقالت :
أجل ، صدقي أيضا لن يكون موجودا أهذا سؤال ؟
واستعت لمن يحادثها وردت :
حسنا سأنتظرك غدا على أحر من الجمر، إلى اللقاء .
أنصتت هدى إلى المكالمة ، لم تكن تتخيل أن تكون والدتها مقياس العفة والشرف خائنة لوالدها ، الذي اخبرها عن مقدار حبهما ، ذلك الحب الذي جمعهما وكانت ثمرته هدى نفسها .
لم تكن تتصور أن يكون هذا هو الثمن الذي تدفعه أمها لإخلاص والدها لها وحين دخلت سألتها والدتها :
هدى ، حبيبتي انتِ هنا منذ متى ؟
ابتسمت هدى بشحوب وردت :
لقد أتيت حالا .
أجلستها بجوارها وسألت :
ماذا بكِ لماذا أراكِ شاحبة الوجه ؟ هل انتِ على ما يرام ؟
اومأت هدى برأسها علامة الإيجاب وتمتمت :
بخير ولكني أعاني بعض الصداع .
نهضت واستأذنت في الصعود وهي مقررة إنها ستظل قابعة في البيت غدا .
لكن دون أن تعلم أمها حتى تعلم من هذا الوغد الذي تحادثه أمها ولكنها كانت مترددة هل تعلم أباها أم لا ؟
**********
هل ستتأخر اليوم ؟
قالتها يسرا لصدقي وهي تساعده في إرتداء المعطف فأومأ برأسه إيجابا وهتف :
لدي صفقة كبيرة ، ادعي لي أن تتم على خير .
همست يسرا في أذنه بعدة كلمات فابتسم وطبع قبلة على وجنتها وخرج.
تابعته هدى ونظرت لوالدتها وهي تشعر باحتقار ورغبة في الغثيان ، فكيف تستمر والدتها في خداع والدها بتلك الطريقة .
هل هكذا تكون والدتها ؟
" هدى ألن تذهبي إلى المدرسة اليوم ؟ "
انتزعها سؤال والدتها فردت :
أنا اشعر ببعض الصداع لهذا لن اذهب اليوم .
صمتت والدتها قليلا ثم قالت :
حسنا ، اصعدي إلى غرفتك لترتاحي قليلا .
غادرت هدى إلى غرفتها مسرعة وحين دخلت رفعت سماعة الهاتف لتجد ما كانت تتوقعه ، فكانت والدتها تستخدم الهاتف وسمعتها تقول :
لا تحضر اليوم ، الفتاة هنا ، لا استطيع أن أقابلك ، حين تتاح الفرصة سوف أخبرك لكي تأتي .
هنا تأكدت هدى من حقيقة أمها ، وظلت طوال خمس دقائق لا تستطيع التحرك من مكانها ..
فأمها نبع الحنان ، القدوة والمثال الأعلى لكل فتاة ، كاتمة اسرارها ، تكون بمثل تلك الصفة ..
امرأة مخلة ، ساقطة ، عاهرة ، غير شريفة ، بل وتخون رجلا شريفا مثل أبيها .
حاولت أن تتماسك ولكنا تهاوت على السرير محدقة في سقف غرفتها وتفكر...
ماذا ستفعل ؟
هل تخبر أباها ؟ أم تصمت حفاظا على كيان المنزل ، وماذا سيفعل أباها حين يعلم ؟
هل سيطلق أمها أم سيقتلها ؟
توقفت قليلا حين بلغ عقلها تلك النقطة ، ثم قررت أن تفاتح أباها وأن تخبره مهما كان الأمر ، وكان قرارا مصيريا ..
*********
صباح الخير .
دخلت هدى من باب مكتب والدها ، فالتفت إليها ورد :
صباح الأنوار ، كيف حالك يا صغيرتي ؟
قالت هدى :
الحمد لله يا أبي ، هل لي أن افاتحك في موضوع ؟
أشار لها أباها أن تتحدث فازدردت ريقها وتنحنحت ثم قالت بحدة وسرعة :
أمي تخونك .
توقف والدها عما كان يفعله ، ونظر لها مندهشا ثم نهض من خلف مكتبه وصاح بها في صرامة :
ماذا قلتِ ؟ وكيف تتفوهين بمثل هذا الكلام ؟
سردت له هدى كل ما حدث وكل شئ حتى مكالمة الهاتف الأخيرة ثم توقفت لترى ردة فعله وكانت صدمة قاسية عليها ...
فلم تكن تتوقع ردة الفعل
مطلقا ..
*********
( هذا هو خطابي إليك أيها القاضي ، فحين علمت أن تلك المرأة التي يُقال إنها أنجبتني ، عاهرة وتتاجر بجسدها ويعاونها في ذلك هذا الرجل الذي أحمل اسمه وراء اسمي ويعمل فيما حرمه الله ، وحين اعترف لي وأحضرها لكي يقولا لي – هو وهي – إنهما يعملان في الدعارة والعهر وتجارة المخدرات وأن الدور قد حان لكي أساعدهما في عملهما فوافقت وجاريتهما في الأمر حتى وضعت لهما السم وقتلتهما حتى أنقذ الناس من شرورهما ، ولقد سلمت نفسي للنيابة العامة واعترفت بجريمتي وتركت لك تلك الرسالة حتى تعلم الحقيقة بعد حكمك عليّ
الصغيرة
هدى )
طوى المستشار ابراهيم رسالة هدى ومسح دمعة فرت من عينه ونظر إلى زميله في القضية وقال بحزن :
لقد جنى هذان الشخصان على تلك الصغيرة ، فها هي تدفع ثمن عمل يحاكمها عليه القانون ولكني كإنسان لأعطيتها وساما على ما فعلته .
نظر له زميله ورد :
هذه مشيئة الله يا إبراهيم ، لقد صدر الحكم وانت لم تكن تعلم ، فلها المصير الذي ينتظرها .
هز المستشار إبراهيم رأسه إيجابا وصاح :
إنها مشيئة الله ، ولقد كانت حازمة في قرارها ، أتعلم إن فكر كل فرد فيما تعانيه أسرته من جراء أعماله لإرتاح كل من في العالم ولم تكن تلك الصغيرة تدفع مسئولية غيرها .
صدّق زميله على كلامه وقال :
اجل يجب أن يدرك كل فرد معنى المسئولية ، حتى لا يتحمل فرد مسئولية غيره دائما .
( تمت ) .
I.M.S.A
M.SM.O
موضوع رائع و مدونة جميلة جدا .. بارك الله فيك
ردحذفموضوع ممتاز جدا
ردحذفentrümpelung-entrümpelung
entrümpelung wien