الأربعاء، أكتوبر 20، 2010

معنى الحب.....


" صباح الخير يا ملاكي "
انسابت الجملة بنعومة لأذن مايا التي استيقظت من النوم شبه ناعسة على صوت زوجها إدوارد الذي ابتسم في وجهها وهو يداعب وجنتها حتى تفيق فبادلته الابتسام ونهضت مزيحة الغطاء :
صباح النور ، دقائق ويكون الإفطار جاهزا .
ضحك إدوارد ضحكة خفيفة ورد :
يالك من كسولة هل ستستيقظين في كل راحة بهذا الكسل ؟
نظرت له مبتسمة ثم التفتت لكي تنهض ولكنها حدقت في الطاولة التي وُضع عليها طعام الإفطار معدا وجاهزا فقالت دون أن تلتفت :
اتعلم إنك زوج محب بالفعل ، لكن لماذا أرهقت نفسك في إعداده ؟
طبع قبلة حانية على جبهتها ورد :
لأني امتلك أطيب زوجة ، ثم أين هذا الإرهاق ، إن هذا لا يساوي ذرة واحدة في تعبك من أجل إسعادي .
كانت تلك هي الحياة بين إدوارد ومايا منذ أن تقابلا في الجامعة أحب كل منهما الأخر ، واتفقا على الزواج ، وواجها كل المشاكل والصعاب التي وقفت عقبة أمامهم .
فقد كانت الحياة مرهقة لكونهما لا يزالا شابين ولكن حبهما انتصر على أي عقبة واجهتهم ، ومع حبهما الجارف ، لم تستطع عقبة واحدة الصمود أمامه ..
ولكن لا تأتي الرياح دائما بما تشتهيه السفن ،ولا تسير الحياة علي نفس الوتيرة الهادئة  ، ولا بد أن تتدخل يد القدر لتغير أشياء فالتغيير والتغير سنة الحياة .
****************************
" حدث إنفجار في أحد الشوارع أدى إلى إصابة عدد من المارة و .. "
اكملت المذيعة باقي الخبر فيما وقفت مايا مشدوهة تستمع باقي الخبر وتحاول بكافة الطرق أن تتصل بإدوارد ، فلقد أخبرها إنه سيسير في هذا الشارع ويصل إلى عمله ، من خلاله  ، ومع محاولاتها المستمرة بدأ القلق والتوتر يصل إلى درجة يقينية أن مكروها قد أصابه و..
" ألو من المتصل ؟ "
كان الصوت صادرا من رقم هاتف زوجها ولكنه لم يكن ابدا صوته فسألت مايا :
من أنت ؟ وكيف وصل هذا الرقم إليك ؟
رد صاحب الصوت :
هنا مركز شرطة ( ... ) ، الرقم وصل إلينا في مجموعة مفقودات و..
قاطعه سؤال مايا الذي حمل كل قلقها :
وأين صاحب هذا الرقم ؟
رد صاحب الصوت بأسف :
إنه في العناية المركزة في مستشفى  ( .... ) .
ألقى لها بالعنوان وهي تهرول خارج عملها واستقلت سيارة أجرة إلى العنوان وهناك وجدت إدوارد في العناية المركزة ، والأجهزة تحيط به وتدخل في جسده الذي وقفت محدقة في الضمادات التي تلتف حول رأسه فسألت الطبيب حين خرج :
ما الذي حدث له ؟ وكيف ؟ وما حالته الآن أيها الطبيب ؟ ، أرجوك طمني .
هدأ الطبيب من روعها ورد :
اهدأي يا سيدتي ، إنه بخير ، لقد أصيب في الإنفجار والإصابة تركزت في رأسه ، هو في غيبوبة الآن وحين يفيق سنعلم ماذا أصابه ؟
استمعت له مايا واخذت تدعو أن ينجي الرب زوجها إدوارد ووقفت أمام زجاج العناية واخذت تناجي العذراء أن يشفي إدوارد .
****************************
نهضت مايا عند خروج الطبيب من غرفة العناية وسألته :
ما الأخبار ؟
ابتسم الطبيب وقال :
لقد استجاب الله لدعواتك ، لقد تخطى مرحلة الخطر ، واستعاد وعيه ، دقائق وادخلي له ، لكن حتى الآن لم نعلم ماذا أصابه بعد الحادث لهذا سيظل تحت الملاحظة لمدة 48 ساعة .
شكرته مايا وقالت بينها وبين نفسها والدموع تتساقط من عينيها في صمت :
الشكر لك يا رب ، شكرا أيتها البتول على استجابتك لدعائي .
دفعت باب العناية بهدوء ووقفت بجوار سرير إدوارد ، وأخذت تتأمل وجهه وفرحت حين أفتح عينيه فأقبلت عليه ودمع الفرح في عينيها وسألته :
كيف حالك يا حبيبي ؟
نظر لها نظرة خاوية وهمس ببطء فأمالت اذنها عليه وسألت :
ماذا تقول ؟
فجاء الرد صاعقا إليها .
" إذن ، زوجك فقد ذاكرته "
همس بها الطبيب ، فأومأت برأسها إيجابا وقالت :
اجل ، لقد سألني من أنا ، ثم سأل من هو ؟ ، ولم استطع أن احرك ساكنا فخرجت وجئت إليك .
قال الطبيب :
إنه فقدان مؤقت للذاكرة سوف يستعيدها ولكن على مراحل وليس في مقدورنا الآن سوى الدعاء .
****************************
دخل إدوارد ومايا من باب شقته فنظر إلى الحائط والأثاث بإستغراب فقالت مايا :
اتعلم يا إدوارد ، لقد عشنا هنا أحلى أيام زواجنا .
ثم استطردت وهي تتجه إلى غرفة تحضير الطعام :
هنا ، كنا نقف سويا لنعد الطعام ، وكنت انت تتبرع في أحد الأيام التي أغفو فيها واستيقظ متأخرة وتعد الطعام لنا لكي نأكل سويا بكل حب .
كانت تعلم جيدا إنها تتكلم وهو يستمع فقط ، دون أن يتذكر شيئا ، لقد عانت كثيرا طوال الشهر الماضي داخل المستشفى لكي تقنعه إنهما زوجان ، ولقد اقتنع بهذا وتذكرت كلمات الطبيب حين أخبرها أن عليها أن تعيد له ذاكرته وها هي تحاول وتتمنى أن يعود الأمر بفائدة .
" أهنا كنت أعيش ؟ "
سألها إدوارد بتردد فأجابت بحب :
أكيد يا حبيبي ، كنت تعيش هنا ، وتجلس هنا و....
كانت تشرح كل كلمة وهي تتحرك في أرجاء المكان وهو يتابعها .
يتابع  فقط دون أن يعي شيئا ..
ولا يتذكر أي أمر بتاتا ..
****************************
جلست مايا مع أهلها في منزلهم وقالت لأبيها :
أرجوك يا أبي ، تحملني قليلا ، ارجوك اسمح له أن يزورك حتى يستعيد ذاكرته .
تجاهل والدها الكلام تماما ورد بغلظة :
انتِ تعلمين جيدا إني لم اكن موافق على الزواج من هذا الشاب ولكني وافقت تحت ضغط رغبتك فقط واسمعي كلامي واحصلي على الإنفصال منه بسبب فقدان الذاكرة هذا و...
قاطعته الأم :
ماذا تقول يا نسيم ؟ ، إن تربيتنا لابنتنا لا تقول بهذا ثم إنها يجب أن تقف بجوار زوجها أنسيت تعاليم الدين الخاصة بالزواج ومصداقيته أم ماذا  ؟.
أكملت مايا :
ثم يا أبي إني أحب إدوارد كثيرا ، وسأقف إلى جواره حتى آخر رمق ولن أتخلى عنه أبدا .
ازدردت ريقها وتابعت :
وإن كنت لن تقابله ، فسوف أساعده بطريقتي ولقد أخذته لكافة الأماكن التي كان يحبها وسأجعله يتذكر وإن لم يتذكر فسأعيش معه كما هو .
قالتها وغادرت المنزل وسط صمت والديها اللذان لم يتفوها أمام قوة كلماتها .
بل أمام قوة حبها ..
****************************
على أحد الأرصفة كان إدوارد يسير ومايا متأبطة ذراعه واخذت تشرح له كيف كان يحب هذا المكان فسألها إدوارد فجأة :
هل تشربين شيئا ؟
أومأت برأسها إيجابا وقالت :
انتظرني هنا ، سأعود إليك .
تركته وعبرت الطريق لكي تشتري بعضا من المرطبات وحين عادت لم تجده ، بحثت عنه في كل مكان وجالت بنظرها في الوجوه ولكن دون فائدة ، هرولت قليلا ثم اخرجت صورة ضوئية صغيرة له وسألت أحد المارة إن كان قد رآه فهز رأسه علامة النفي وأخذت تسأل كل من على الرصيف فأجابها أحد الباعة :
لقد سار من هذا الطريق منذ عدة دقائق .
ركضت مايا على إشارته حتى وجدت إدوارد فجذبته من ذراعه وسألته بحدة :
لماذا غادرت مكانك ؟
نظر لها إدوارد ورد بإرتباك :
غادرت ، لإني أشعر إني عبء عليكِ .
حدقت مايا في وجهه صامتة فأكمل :
إني أشعر إنك تعانين معي ، لا اذكر شيئا بتاتا ، لا اسمي ، ولا أي شئ واردد فقط ما تقوليه لي ، كيف تتحملين هذا ، ولماذا ؟
وضعت مايا يدها على فمه لتمنعه من الاستطراد وهتفت :
لماذا تقول هذا ؟ ألا تشعر بمقدار حبي لك ، اسمع ، لقد احببتك واحبك وسأظل أحبك ، أما عن تحملي لهذا ، لأننا خلقنا لبعضنا البعض ، وليس لديّ غيرك وانت زوجي ولن أتركك ، هذا أمرا الأمر الثاني ..
توقفت لتأخذ قليلا من الهواء ثم تابعت هامسة :
اسمع يا إدوارد ، الحياة تمر علينا بحلوها ومرها ، لقد عشنا الحلو معا والآن وجب علينا عيش المرّ سويا ، لا استطيع أن اتخيل مرور يوما عصيبا عليّ وانت لست بجواري حتى وإن كنت لا تتذكرني ، اتعلم لا أريدك أن تتذكر شيئا ، لا أريد الماضي ، دعنا في الحاضر والمستقبل .
نظرت في عينيه ثم تابعت بحب :
مادام الغد قادم لماذا لا  نستقبله سويا ونحن معا ، نزيل أي عقبة تواجهنا ، نهزمها بقوة حبنا .
نظر لها إدوارد وإنفعالات كثيرة في عينيه ووجهه وهمس :
أكل هذا الحب تكنيه لي ؟ ، لم أرَ شعورا كهذا من قبل ، انا اعلم أني عقبة أمامك ولكن سأحاول .
توقف ثم تابع بصدق :
سأحاول أن أكون مثلك وأن اتخطى تلك  العقبة .
أراحت رأسها على كتفه وقالت هامسة :
أي عقبة لن تقف في وجه هذا الشعور ثم هناك أمرا تناسيته .
رفع إدوارد وجهها بأصابعه ونظر لها بتساؤل فأجابت بحب :
إننا هنا سويا ، يجمعنا قلب واحد في جسدين ، قلب قادر على إكمال المسيرة وتحدي كل العقبات .
وضع إدوارد يده على كتفيها واخذها وسارا سويا في الطريق ..
إلى المستقبل إعلانا عن تجاوز الصعاب .
إعلانا عن حبهما الجارف .
بل إعلانا عن مصداقية ومعنى الحب .
( تمت ) .


                                  I.M.S.A \ M.S.M.O


هناك 23 تعليقًا:

  1. قصة رائعة ورومانسية جدا ورقيقة جدا وراقية جدا
    كل علاقة لازم تقابلها عقبات ومشاكل خصام وبعاد
    بس العلاقة الصادقة هى الى بتتخهطى كل ده
    وبتصنع من المشاكل شىء يقوى ويعزز هذة العلاقة
    بشرط ان كلا الطرفين يكون راغب فى هذا
    ماروع وارق قدرة تقبل الاخر فى الشدة قبل الرخاء
    وما اصعب الفراق
    وما اعذب الوفاق بعد الفراق

    ردحذف
  2. جميلة اوى القصة و الاجمل الحب

    حتى لو زوجها بقى كائن لا يتحرك سيظل حبيبها و ستظل تأتنس بوجوده و تسكن اليه

    ردحذف
  3. جميلة جميلة جمييييييلة


    مشاعر واحداث


    حقيقى صعب التعليق عليها

    ردحذف
  4. ميرسي للجميع ويسعدني إن القصة أعجبتكم
    ويارب تكونوا منورين المدونة علطول وكل ما يتم وضعه هنا ينال إعجابكم

    تيرز الحب هو الشعور الأجمل في الحياة وهو المحرك الخفي وراء الكثير من أفعالنا

    ردحذف
  5. Ms Venus
    بل تعليقك هو الأجمل وأنا من أجد صعوبة في الرد عليك :)

    ردحذف
  6. gamda ya m3lm moooooooooooooot teslm ya prince el paranic :)

    ردحذف
  7. غير معروف :
    شكرا على التعليق الجامد
    ويسعدني انها نالت اعجابك

    ردحذف
  8. جميلة اوى
    كفاية انها مخلصة لزوجها وحبهم وستظل مخلصه للابد

    ردحذف
  9. غير معروف :
    شكرا على المرور
    ويسعدني انها نالت اعجابك
    وهذا هو الهدف من القصة
    توصيل المعنى الحقيقي للحب

    ردحذف
  10. جامده جدا والله
    عجبتني قوي
    بس هو لسه في حد ممكن يصبر شهور علي حد بيحبه كده؟!!
    معتقدش

    ردحذف
  11. أنا أعتقد يا شاكر
    :)

    ردحذف
  12. الله ...حلوة اووي بجد
    برغم ان ممكن حد يقولك وهو ده بيحصل دلوقت ...؟
    زي ما كتبت قصة وكانت البطلة خجولة ....شخص قالي انت بتتكلمي عن بنات مش موجودين اصلا البنات دلوقتي متعرفش الخجل ...
    احنا ليه نجمع ونقرر ان هو ده الحقيقي دلوقتي
    بجد القصة جميلة وانا شايفاها منطقية جدا
    لان الحب الحقيقي بيتحمل كل شيء
    والحبيب لازم انه يتحمل حبيبه ف كل حالاته
    دمتم بخير ...يا محمد...ويا اسلام

    ردحذف
  13. يسرني إنها أعجبتك
    لآسف لقد أصبحنا في زمن فيه الحب الحقيقي نادر وصعب العثور عليه وإن كان هذا لا يمنع وجوده في الحياة
    تحياتي ودمتي بخير ويارب تكون منورة المدونة دايما كده علطول :)

    ردحذف
  14. قصة رقيقة جدا
    سلمت يدك يا إسلام

    ردحذف
  15. حنان فوزي
    تعليقك هو الرقيق
    شكرا لتواجدك ومنورة المجانين دائما

    ردحذف
  16. gamda ya saloma walahi u know enk prince fi kol 7aga agmal kesa romncia 2retha lek ya m3lm :x

    ردحذف
  17. غير معروف :
    شكرا على الاتعليق ..
    منور البوست ..
    والقصة ..

    ردحذف
  18. الوفاء والاخلاص ، ولما تقف الزوجة جمب زوجها فى كل المواقف مهما كانت الظروف .. حاجات بقت قليلة اوى ، فيه طبعا ناس لسه فيها الخير لكن قليلين ، لان المادة غطت على حاجات كتير ، كتير بيقولوا على الزواج شركة ، لكن لو كان شركة يبقى من حق الاطراف ياخدوا مكسب ويتحملوا خسارة وكمان يفضوها وقت ما هما عايزين ، لكن دا بيختصر احاسيس ومعانى جميلة فى كلمة سخيفة اسمها شركة ومصالح
    جميلة فعلا القصة ، من النوع الكلاسيكى الهادى .. بجد حلوة :)

    ردحذف
  19. بلاك :
    تعليقك هو الجميل
    شكرا على التعليق
    منورة القصة
    والمدونة كلها ..

    ردحذف
  20. أن تكون مع من تحب دون وجود أي سبب سوى أنك تحب الوجود قربه ولا ترى الوجود دونه ، أن تتواجد معه و أنت مفعم بالأمل في كون المستقبل أكثر أماناً و إشراقاً ، أن تفضل التشاجر والتحاور معه على أن تكون مع غيره .. ذلك هو معنى الحب
    شكراً يا إسلام على القصة الجميلة
    تحياتي

    ردحذف
  21. عزة :
    منورة القصة
    ويسعدني تعليقك
    ومتفهم لوجهة نظرك الراقية
    منورة القصة
    تحياتي ^_^

    ردحذف
  22. انتوا مبدعين القصه جميله جدا

    ردحذف
  23. ميرسي يا ايمان علي ذوقك :)

    ردحذف

خد راحتك في الجنان معنا حرية الرأي مكفولة للجميع حتي لو هتجنن علينا
نظرا لوجود مشاكل في نظام التعليقات لغير معرفين برجاء عدم التعليق بغير معرف منعا لاختفاء التعليقات