الأربعاء، فبراير 17، 2010

فى سبيل هذه الأنثى ...

" يا الله ، ما أروع هذه الأنثى !!! "

كلما يجلس حامد حتى يتردد هذا الصوت داخل ذهنه ، فهو شاب حالم عاشق ، فها هو هذه المرة يرى فينوس متجسدة أمامه بصوتها العذب الذي يشدو هاديا الأرواح إلى بلاد الأفراح !!!

أنثى من المستحيل أن يقف أي رجل عاقل متزن أمامها دون أن تخلب لبه ، هي فينوس متجسدة بجسدها القد بإبتسامتها العذباء ، بخطواتها الرشيقة ، بل إن كانت آلهة الجمال الإغريقية موجودة بالفعل لأعطتها لقب إفروديت شخصيا !! .

بل إن إفروديت لتكون مثل الوجه القبيح بجوارها ، بل دميمة الوجه والخُلق ، لا يمكن أن يصدق عقل وجود مثل هذه الفتاة ..

"والآن ها هي لي وحدي لا يراها غيري ، لا يشعر بها سواي "

ردد حامد بينه وبين نفسه ، وانطلق خياله الخصب ليرسم صورة جميلة متكاملة فى عالم الأحلام ، عالم لا يضم سوى اثنين عاشقين ، لا إن العشق كلمة قليلة لمَن يقع فى حبها ، هل هو هيام ؟

لا بل الهيام أقل بقليل عما يشعر به أي فرد ينظر فقط لعينيها ..

عيناها ، إنهما تحفة فنية من إبداع الخالق عز وجل تشعر أن جمال العيون قد خر ساجدا طالبا منها أن تتفضل وتتكرم وتقبل لقب أجمل عينين على وجه الخليقة ..

فهل هو الهوى ؟

لا بل الهوى لا يكون بمثل هذه القوة حين تنظر لمحاسنها وحسنها ورقتها .

حاول حامد أن يجد مسمى لما يشعر به تجاه تلك الفاتنة ، وللأسف لم يجد ، فعاد ليطلق خياله ليتصور العديد والعديد ...

تصور نفسه فى جنات النعيم كأنهما قيس وليلى – بل إن حب قيس وليلى أقل من حبهما - ، أو جميل بثينى – حتى مقدار حب جميل لبثينى لا يقارن بمقداره - ، أو عنترة وعبلة – إنه ليس مستعدا فقط ليحارب قبائل الجاهلية من أجلها بل مستعد لمحاربة العالم أجمع فقط لكي تكون بجواره – بل تصور نفسه يعيش معها قصة حب من الأساطير القديمة بقدم البشرية ولكن حتى أعظم قصص الحب الأسطورية لا توازي مقدار حبه لها !!!

رأى فى خيالاته جميع ما يتمناه ويشتهيه ....

رأى نفسه طبيبا يداويها من مرضها القاتل !

وهل يوجد مرضا قاتلا وأشد فتكا من الحب والعشق والهيام ؟!!!

لا بل هو أشد مرضا ..

رأى نفسه الإنسان البدائي الذي يحميها من أخطار الوحوش والحيوانات المفترسة ويدفع حياته ثمنا لحمايتها !

وياله من ثمن بخس يدفع من أجلها !!!.

رآها أميرة وهو فارس جاء لحمايتها من الوقوع فى الأسر ،وهو الذي تمنى أن تقع فى أسر حبه ..

رآها طيرا رقيقا يحميها من أخطار الصيادين ، ويتمنى أن يكون هو الصياد وهي فريسته ..

أطلق حامد لخياله العنان ولم يقف عند حد أو معقول ، بل تخطى حدود اللا معقول !!

صور لنفسه خيالا ممكنا أو غير ممكنا ، و........

" انت يا أيها الشارد ، استيقظ "

انتفض حامد فى مجلسه ، ليفيق من أحلامه على صوت إنتشله من عالم الخيال ليصدمه بصخرة الواقع بمنتهى العنف فإرتبك ورد بتعلثم مرتبك:

انا مس.. مستيقظ بالفعل ، هل انا نائم .

نظرت له معيدة القسم وقالت بمنتهى الحزم الهادئ :

حسنا يا أستاذ المستيقظ ، الذي لم يكن نائما ، أشرح ما قلته منذ قليل .

وقف حامد فى مكانه وقد تحولت خيالاته إلى ثقل يجسم على أنفاسه وشعر بالدماء تكاد تنفجر من وجنتيه لهذا الإحراج الذي ألحقته به المعيدة ولم يستطع أن يجيب وأخذ يرتبك ويتلعثم وينظر حوله محاولا أن يجد مفرا من هذا الأمر ولكن ..

قاطعه صوت المعيدة وهي تصيح بصرامة :

عندما تحضر المحاضرة القادمة ، لا تشرد مرة أخرى وتفكر كثيرا .

هز رأسه بحنق خاجل فاستطردت قائلة :

واهتم بمستقبلك ، فذلك أجدى لك وأنفع ، هيا اجلس .

زفر حامد بقوة وجلس مكانه وهو يدير وجهه حانقا على تلك الضحكات الخبيثة التي انطلقت فى المكان وكانت بمثابة السوط الذي نزل بأقصى قوة على أحلامه ليجعها تتشتت مثل حبات الرمال فى مواجهة ريحا عاصفة .

أخذ من حين للأخر ينظر للمعيدة التي أخرجته من عالم الخيال الذي كان يعيش فيه لتصدمه بهذا الواقع المحرج ، تلك المعيدة التي ...

كانت تحتل عالم أحلامه ولم تجعله يعيش واقعه وينطلق فى عالم الخيال والأوهام معها .

راجع كل ما حدث فى خياله وواقعه وقال بينه وبين نفسه

" إن كل ما حدث لا يساوي شيئا فى سبيل هذه الأنثى !! "

نزلت على جريدة الـيـوم الـسـابــع

بتاريخ الاثنين الموافق

15 \ 3\ 2010 م

وعلي موقع المكان

I.M.S.A \ M.S.M.O


هناك 7 تعليقات:

  1. رائعه
    الكلمات
    والوصف
    الخيال
    احسنت

    ردحذف
  2. شكرا ومازال في جعبتنا الكثير

    ردحذف
  3. حلوة اوى يا اسلام
    مقلب محترم
    علشان يبطل يعيش فى الخيال و ينسى الواقع
    طبعا الاسلوب مش محتاج كلام
    راااائع بل اكثر من راااائع


    قيس و ليلى و عبلة و عنتر معروفين
    بس عايزة اعرف
    بس مين جميل و بثينة؟؟

    ردحذف
  4. جميل وبثن قصتهما لا تقل قوة عن قيس وليلي
    وعنتر وعبلة وقصتهما من أشهر قصص الحب العذري عند العرب
    كان عادة العرب قديما أن من ينظم الأشعار في امرأة ويعلن حبه لها علي الملأ بأن لا يتزوجها حتي لو أحضر لبن العصفور كما يقالون
    لن أستطيع سرد قصتهم في تعليق ولكن ربما أفرد بوستات للحب العذري عندالعرب وخاصة الغير معروفين مثل قيس ولبني وجميل وبثن وكثير وعزة وغيرهما من التراث الذي لا نقرأه إلا قليلا
    ولكي تعرفي مقدار قصة حب جميل وبثن سأتي لك ببعض الأبيات مما كتبها جميل لها

    لقد أورَثَتْ قلبـي وكان مصحـحـا * * * بثينـةُ صدغا يـوم طار رداؤهـا

    إذ خَطَرَتْ من ذكر بـثـنـة خطرةٌ * * * عصتني شؤون العين فانهلّ ماؤها

    فإن لم أزرها عادني الشوق والهوى * * * وعاود قلـبـي من بثينـة داؤها

    وكيف بنفـس أنتِ هيّجتِ سقمهـا * * * ويمنع منها يـا بثيـن شفـاؤهـا

    لقد كنت أرجـو أن تجـودي بنائل * * * فأخلف نفسـي من جداك رجاؤهـا

    فلو أن نفسـي يا بثيـن تطيعـني * * * لقد طال عنكم صبرهـا وعزاؤهـا

    ولكن عصتـني واستبدّت بأمرهـا * * * فأنتِ هـواهـا يا بثيـن وشاؤها

    فأحيي –هداك الله- نفسـاً مريضةً * * * طويـلاً بكم تهْيامُها وعـنـاؤهـا

    وكم وَعَدَتْنا من مواعد –لو وفـت * * * بوأيٍ- فلم تنجَزْ قليـلٍ غنـاؤهـا

    وكم لي عليها من ديـونٍ كثيـرةٍ * * * طويـلٍ تقاضيهـا بطيءٍ قضاؤهـا

    تجـود بـه في النّـوم غير معرّدٍ * * * ويحـزن أيقاظـاً عليها عطاؤهـا

    ردحذف
  5. كريزي
    شكرا على المرور الرائع والرأي الجميل .

    ميرا
    منورة المجانين والقصة .

    محمد
    شكرا على التعريف عن جميل بثنى
    وأبيات الشعر ..

    ردحذف
  6. راااائعه
    استمر
    في انتظار المزيد

    ردحذف
  7. غير معروف :
    شكرا كثيرا على التواجد
    ويسعدني انها راقت إعجابك ..
    هناك المزيد ينتظرك اتمنى المرور عليه ..
    منور مدونة المجانين ..

    ردحذف

خد راحتك في الجنان معنا حرية الرأي مكفولة للجميع حتي لو هتجنن علينا
نظرا لوجود مشاكل في نظام التعليقات لغير معرفين برجاء عدم التعليق بغير معرف منعا لاختفاء التعليقات