الثلاثاء، نوفمبر 17، 2009

تصحيح بعض الوقائع التاريخية في الدراما المصرية ...


على الرغم مما اعطته الدراما العربية مِن المسلسلات والأفلام سواء أكانت تاريخية أو دينية إلا أنه لم ينل إعجابي إلا فيلمان ألا وهم " الرسالة " انتاج العبقري الراحل مصطفى العقاد وبطولة الراحل عبد الله غيث في النسخة العربية وانطوني كوين في النسخة الأجنبية والفيلم يتناول سيرة المعصوم صلى الله عليه وسلم وتاريخ بداية الإسلام وحياة سيد الشهداء " حمزة بن عبد المطلب " رضي الله عنه هذا من جهة الأفلام الدينية أما من حيث الأفلام التاريخية فكان فيلم " عمر المختار شيخ المجاهدين في ليبيا " أيضا لمصطفى العقاد وبطولة انطوني كوين ،هذا بخلاف فيلم " الشيماء " . بينما حصل مسلسل "الفرسان " بطولة أحمد عبد العزيز وإخراج حسام الدين مصطفى على إعجابي لما حمله من وقائع تاريخية هي الأقرب إلى الصواب .

لهذا كان عليّنا أن نصحح بعض الوقائع التاريخية التي أُعتمدت كميزان ثقة لدى بعض الناس وإن لم يكن معظمهم بسبب مشاهدتهم للأفلام التاريخية أو الدينية فهي تحمل بين جوانبها أخطاء تاريخية جسيمة كانت سببا في أن معظم الناس حملت إعتقادات خاطئة ومفهوم خاطئ عن تاريخها الإسلامي وتاريخها الديني وكان السبب أو الحجة الدائمة هو السياق الدرامي ولكن إن كان أحد مِن هواة مطالعة الأداب الأوروبية القديمة التي كُتبت في العصور الوسطي سيدري ويعلم أن افلامنا التي فخرت بها السينما المصرية أو العربية كانت نتاج أقلام غربية ولا علاقة لها بالواقع التاريخي ولسير هؤلاء القادة والخلفاء والحكام ، بل وبعض من الممثلين كان يعرف هذا وصرّح به ولكن لا حياة لمَن تنادي ، " أتمني ألا أكون قد أطلت وأن تتابعوا تلك الأخطاء وتصحيحها وإن كان منكم مَن يري خطأً فليصححه هو أيضا ،حتي يتم تصحيح تاريخنا الذي اعتبر أن السينما قد شوهت جزء كبير منه .

يعتبر فيلم "الناصر صلاح الدين " بطولة أحمد مظهر في دور صلاح الدين مِن أقوي أفلام التاريخ نظرا لأن معظم العرب يحبون شخصية صلاح الدين الأيوبي " يوسف بن أيوب " وهو الاسم الحقيقي له ، وعلى الرغم من سقوط الفيلم في فترة عرضه إلا أنه حين يعرض في المنازل يحصل على نسبة مشاهدة كبيرة ولكن الفيلم الكبير يحمل أخطاءا بالجملة في التاريخ أولها الاسم الانجليزي للفيلم sala din والذي يثبت ودون أدنى شك أن القصة أُخذت من الأدب الأوروبي لأن هذا الاسم هو ما أُطلق على القائد المسلم في الأدب الأوروبي ولكن مخرج الفيلم أصر على الاسم لأن الفيلم سيعرض في الخارج ، بالطبع لأنه يتفق مع الصورة التي صورها الغرب عن المقاتل المسلم . " اعلم أني أطلت دون الدخول في الوقائع الخاطئة فارجو أن تتحملوني " .



أكبر معركة في الفيلم هي معركة "حطين " والتي انتصر فيها القائد صلاح الدين ومِن بعدها تواجد داخل بيت المقدس ، وهذا أمر خاطئ فهناك معارك أخرى قبل دخوله بيت المقدس وآخر تلك المعارك قبل فتحه هي معركة بيت المقدس نفسه .

في الفيلم قام القائد صلاح الدين بقتل إرناط أو الكونت ريموند بعد مبارزة سيفية بسبب تعاليه وتكبره ومهاجمته لبعض قوافل المسلمين ، وهذا من الأخطاء فبعد القبض على إرناط مباشرة تم قتله بخنجر القائد إنتقاما لقتلى المسلمين ومحاولة إرناط الفاشلة لنبش قبر الرسول صلى الله عليه وسلم .



في الفيلم بعد ذلك ظهرت القوة الأوروبية بقيادة ريتشارد قلب الأسد وفيليب أوجست وذهب لهم القائد صلاح الدين وهذا ما كتب في الأدب الأوروبي ولكن الحقيقة أن الملك صلاح الدين لم يقابل ريتشارد قلب الأسد طوال فترة المعارك المستمرة بينهما ، وفي الحقيقة حتى " صلح الرملة " لم يوقعه صلاح الدين بنفسه بل أرسل أخاه الملك العادل لتوقيعه مع الفرنجة وذلك لظروفه المرضية في أواخر أيامه وبالتالي يتضح كم الأخطاء في أكثر من واقعة تاريخية .

بينما أخطاء الأشخاص فحدث ولا حرج "عيسي العوام " قائد السباحين والغواصين في جيش صلاح الدين فالتاريخ يثبت أن قائد هذا السلاح كان مسلما موحدا بالله ولكن طبعا بما أن المخرج يريد إظهار الوحدة الوطنية في الفيلم وعاش الهلال مع الصليب فيكون أمر تحويل قائد مسلم إلي مسيحي أو نصراني أمر عادي لا فكاك منه وخصوصا أن الأمر مهم من وجهة نظره في حبك قصة حب بين القائد العربي والأميرة الصليبية ، وهلم جرا .

والحقيقة أن عيسى العوام كما ذُكر في التاريخ ما هو إلا سباح كان يحمل العون والمساعدات عن طريق البحر إلى المدن التي تقع تحت الحصار الصليبي وعيسى العوام هو رجل مسلم وليس مسيحي ..







هذا من حيث الأخطاء في التاريخ الإسلامي ثم جاءت الغلطات في تاريخ الفرنجة نفسه ولكنها حملت أخطاءا خفيفة وليست جسيمة كالتي حملها تاريخنا وأبسطها في فرق الإسبتارية والداوية فعلى الرغم من عداء تلك الفرقتين الشديد للإسلام والمسلمين والتي أسسها الأب " هيو " وعلى الرغم مِن أن تاريخها كله لم تحصل فيها إمرأة على إمرة قيادتها إلا أن المخرج أصر على تولية إمرأة قيادتها ، المشكلة أن 70% من السادة المشاهدين والذين لا يطالعون كتب التاريخ وما إلى غير ذلك لا يصدقون أن تلك الأمور خاطئة وأن الفيلم هو الأصح لأن قام على كتابته نخبة من كبار الأدباء في البلد وقام ببطولته نخبة من النجوم وإخراجه كان لأستاذ في عالم الإخراج ولكن للأسف الفيلم الكبير لم يكن يتضمن بجوار هذا الطاقم الكبير مؤرخ أو مراجع تاريخي صحيح بل إعتمد وبنسبة كبيرة على الأداب الغربية والتي كُتبت عن المقاتل المسلم صلاح الدين الأيوبي .

هذا ناهيك عن بيت الشعر الذي قيل بعد نجاح المسلمين في الغارة على الصليبين ويسأل أحدهم بيت غزل أوله نون فيرد :

نعم ، أنا مشتاق وعندي لوعة ولكن مثلي لا يذاع له سرا .

وهذا هو بيت الشعر الذي قالته أم كلثوم في إحدى أغنياتها ولكن الحقيقة أن بيت الشعر هذا يبدأ بكلمة " بلى " لكونه إجابة عن استفهام منفي ولكن كوكب الشرق خشيت أن يعتبر الناس بلى من البلاء ..



**************************************************************

ثاني الأفلام التي حملت في سياقها أخطاء تاريخية ويعتبر أن الفيلم قائم على قصة درامية ولم يحمل من الواقع التاريخي إلا النذر اليسير هو فيلم " واإسلاماه " الذي يحكي قصة البطل سيف الدين قطز وقام ببطولته أيضا أحمد مظهر في دور سيف الدين قطز .


وبداية الفيلم يحمل أخطاء كثيرة سواء أكانت في الأسماء أو في الأحداث أو في الأشخاص .

نبدأ بالأسماء

سيف الدين قطز ...... طوال الفيلم أحمد مظهر يُنادي له بمحمود وهو الاسم الحقيقي للقائد المسلم " محمود بن ممدود " ولكن الاسم لم يُعرف حقيقته إلا بعد وفاته أو مقتله على يد صديقه ركن الدين بيبرس البندقداري وتم التصريح به في كتابات سيف الدين قطز التي كانت داخل خيمته وداخل قلعة الجبل .

شجرة الدر .......... طوال الفيلم يُنادي لها بهذا الاسم على الرغم مِن أن الاسم هو " شجر الدر " أو " أم الخليل الصالحية المستعصمية " . ولكن الخطأ اللغوي شائع على الرغم من قوة اللغة العربية في تلك الفترة وهذا ما أثر على نطق اسم الملكة في مصر وفي المشاهدين وحتى الآن لا احد ينطق الاسم بالشكل الحقيقي .

جُلنار ........... التي هي جهاد هذا الاسم الذي صححه أحمد مظهر أمام شجر الدر أكثر من مرة وعلى الرغم أيضا أن في الحقيقة لم ينطق الاسم الحقيقي إلا بعد استشهاد الأميرة جهاد بنت جلال الدين بن خوارزم شاه ولكن الحقيقة تتغير بسبب السياق الدرامي .

ثانيا الأحداث التاريخية والتي لا أعتقد أنها تاريخية .

أول حدث هو بخصوص زواج شجر الدر من الأمير عز الدين أيبك .

شجر الدر كانت زوجة الملك الصالح نجم الدين أيوب وبعد وفاة الملك الصالح تولت حكم مصرسريا حتى انقضت غمة الحملة الصليبية السابعة عن مصر وتولى الملك " توران شاه " ابن الملك الصالح حكم مصر ولكن المماليك قاموا بقتله وعلى رأسهم " ركن الدين بيبرس البندقداري " وتمت تولية شجر الدر مصر وتزوجت عز الدين أيبك ولكن الأمر مرّ مرور الكرام ولم يتحدث أحد عن تلك الأحداث أو عن محاولات أقطاي في تخريب البلاد وأنه ترك مماليكه تعيش فسادا في البلاد .

ثاني حدث هو مقتل أقطاي .

تم مقتل أقطاي عن طريق أحد لا يعلم عنه الناس سوى إنه " فريد شوقي " يهيأ لي أن سبب القتل هو أن " محمود المليجي " كان يلعب دور " أقطاي " فالعداء بين الاثنين في معظم الأفلام كان سببا في هذا القتل . الحقيقة أن مَن قام بقتل الأمير أقطاي هو سيف الدين قطز بنفسه جزاءا على شروره وأثامه وهذا كان السبب في العداء بين الصديقين سيف الدين قطز وركن الدين بيبرس مبدئيا .

مقتل عز الدين أيبك ..........

عز الدين أيبك كان متزوج من إمرأة اخرى غير شجر الدر وفي الفيلم كانت الغيرة جعلت " تحية كاريوكا " تقتل " عماد حمدي " عن طريق " فريد شوقي " ولكن الحقيقة أن بعض أمرائه تآمروا عليه كما ذكرت بعض المراجع وأكدت مراجع أخرى أن الملكة شجر الدر حرضت على قتله بسبب إخفائه لأمر زواجه عنها وهكذا قُتل عز الدين أيبك .

مقتل شجر الدر ................

زوجة عز الدين أيبك الأولي " أم المنصور علي " قامت ورشت كل خدام الملكة شجر الدر ودخلت إلى المغطس وأغرقتها وطبعا هذا كلام فارغ فالملكة شجر الدر قتلت رميا "بالقباقيب " وبعد وفاتها تقول الروايات أن أم المنصور وزعت حلوى وأخذت هذا الاسم حتى الآن " أم علي " . هذا من حيث مقتل القادة والسلاطين في الفيلم .

ثالثا تولية القادة والملوك في الفيلم .

تولية سيف الدين قطز .

احمد مظهر يقف وبجواره رشدي أباظة ولبنى عبد العزيز في الخلف ويأتي رسول التتار ، ويقول " لما أحب أكلم شعب مصر أكلم مين " يخرج أحمد مظهر ويقف كلمني انا وهكذا اصبح سيف الدين قطز ملكا على مصر . " كلام لا يمت للحقيقة بصلة " .

الحقيقة

سيف الدين قطز كان أتابك مصر ولم يعجبه تصرفات المنصور وأمه فاستصدر فتوى من الشيخ " العز بن عبد السلام " بعزل الخليفة المنصور لأنه كان مترددا بسبب واجبه تجاه سيده السابق .

استغل سيف الدين قطز خروج امراء المماليك وعزل المنصور ونصب نفسه ملكا على مصر وحين علم ركن الدين بيبرس هذا الامر أرسل يستعطف الملك الجديد وحَن قطز لصديق الطفولة وارسل له ليكون بجواره في مواجهة التتار .

رابعا احداث متفرقة .

أولها أن سيف الدين قطز ترك قادة ورسل التتار يذهبون ولكن الحقيقة أنه قتلهم وعلق رؤوسهم علي أبواب القاهرة من باب زويلة إلى باب النصر .

ثانيها هناك اشخاص في الفيلم لا تمت للواقع بصلة على الرغم من وجودها بصفة اساسية أولها " سلامة الهندي " والذي قام بدوره "حسين رياض " وظل متواجدا لآخر الفيلم وفي الحقيقة أن سلامة الهندي توفى وسيف الدين قطز لا يزال طفل صغير .

" فريد شوقي " شخصية لا وجود لها في الواقع والتاريخ الإسلامي بتاتا . وتم وضعها لا اعلم من أين ؟ ، ولكنها وضعت من اجل أحداث الفيلم أو قتل محمود المليجي وعماد حمدي . وحتي ينتقم حسين رياض في آخر الفيلم .

ثالثها جُلنار أو جهاد بسبب الفيلم ظلّت لبنى عبد العزيز لآخر الفيلم ، حتي يتم القصة بينها وبين أحمد مظهر .

الحقيقة أنها قتلت واستشهدت قبل معركة عين جالوت وهي من قالت " وااسلاماه " ، ولكن ليس بطريقة الفيلم .

هذا في اخطاء فيلمين بتناولان قصة بطلين من أبطال الإسلام والتاريخ الإسلامي.

إن راقت لكم سأكمل باقي تلك الاخطاء وتصحيحها .

I.M.S.A

M.S.M.O


هناك 4 تعليقات:

  1. حينما قرأت كتاب واإسلاماه وقارنته بالفيلم أصابني الذهول التام من كم المغالطات التاريخية
    وكذلك حينما شاهدت فيلم الناصر صلاح الدين
    فلم أجد به أي مما سمعناه عن صلاح الدين
    ولكن بعد فترة من متابعة الأعمال السينيمائية
    عرفت أن تلك هي السينما
    تحرف الأحداث والوقائع لتتماشى مع ما يناسب صانعيها

    مقال ممتاز
    جمعت فيه الكثير من أخطاء السينما
    بارك الله فيك

    ردحذف
  2. منور عالم المجانين
    يا عاشق الكمال ..
    جزاك الله كل الخير
    وبيت المجانين مفتوح ليك
    اهلا بك معنا

    ردحذف
  3. نفس الكلام بالنسبة إلى
    عندما درسنا قصة واإسلاماه في الثانوية العامة لم أن قد شاهدت الفيلم بعد
    و حين شاهدته حقيقة أصابني ذهول شديد
    درجة غير عادية من الاستهانة بالأحداث الحقيقية في مقابل ان يكون للفيلم حبكة و قصة يتقبلها الجمهور و ليذهب التاريخ إلى الحجيم
    غير عابئين من يقومون على هذه الصناعة ان مثل هذا الفيلم ربما كان هو المصدر الوحيد لاستقاء التاريخ عند البعض
    اما بالنسبة لفيلم صلاح الدين
    فحدث و لا حرج
    صراحة الفيلم الفيلم كان ليعجبني أكثر لو كتب عليه قائم على أحدا ثحقيقية دون الادعاءبأنه قصة حياة النصر في حطين و صاحبها
    انا لا اعلم كل هذا الكم من الاخطاء التي ذكرت في المقال لكني كنت أعلم البعض مما كفى بتشويه متعة مشاهدة عمل من المفترض انه من أعظم الأعمال التاريخية ..فنحن لا نحظى بنصر كحطين كل يوم
    لكن عامة أعتقد ان الكلام في هذا الموضوع منتهي فلا ننتظر اجابة او استجابة في المستقبل ربما كان مفيدا اذا ما اعتبرنا هذا المقال تنويرا لنا من جهل وجدنا فيه انفسنا بالإكراه و لا نعلم منه مخرجا
    فقط كنت اتساءل ذات مرة
    هؤلاء اناس قد اجتهدوا و تكلفوا من الأموال و الطاقات الكثير في سبيل خروج عمل من المفترض انه تاريخي
    لم كل هذا السخف و التشويه في الحقائق؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    من أجل نجاح الفيلم على المستوى الجماهيري ؟أم ربما خوفا من الرقابة في بعض الأحيا ؟ام التزاما بميزانية معين ؟ ام ان مثل هذا التشويه ارضاء لبعض اطراف بعينه ؟ ام ماذا
    لا أجد مبررا و اتمنى لو أفعل
    فقد سئمت المعاملة القائمة على الستخفاف و ( قول يا باسط تلاقيها هاصت و كلو بياكل مع الناس دي مشي حالك)
    انا حاليا لا اتابع اي اعمال تاريخية او غير تاريخية فقد اقتنعت منذ زمن انه ما من مهتم يريد توعيتي بتقديمه فيلم صادق فكل يبكي على ليلاه

    تحياتي على المقال
    و لو ان هناك فرصة لجديد
    يسرني أن أكون من المتابعين

    ردحذف
  4. سارة بدران :
    لا اجد كلمات توافي تعليقك الرائع
    سلمت يمينك وسلم تفكيرك
    لكن حقيقة تقدري تقولي ان السبب يا إما انتاج وتسويق
    بالرغم من إن صلاح الدين فيلم محققش النجاح في السينما ودور العرض
    //
    تحياتي ومنورة المدونة

    ردحذف

خد راحتك في الجنان معنا حرية الرأي مكفولة للجميع حتي لو هتجنن علينا
نظرا لوجود مشاكل في نظام التعليقات لغير معرفين برجاء عدم التعليق بغير معرف منعا لاختفاء التعليقات