الاثنين، مارس 01، 2010

بيحول التراب لذهب ...

يمسك التراب يحوله لذهب !!!

تلك العبارة أكثر ملاءمة لذلك الكيان الرابض داخل أوطاننا ألا وهو

البـورصـة ..

لا اعتقد ذلك الكيان الشامخ الذي يتم بداخله تداول الأموال بطريقة سريعة ويسر كما يتضح لنا ، بمثل تلك البساطة التي تظهر أمامنا ، فهل تتم المضاربة أو أعمال البورصة بتلك الطريقة السهلة واليسيرة – قليلا من الأسهم تُباع تربح وانت جالس فى المنزل – حسنا وإن كانت كذلك ، ما الذي حدث في سوق البورصة وأدى إلى إنهيارها ؟؟

الأمر ليس وليد المصادفة أو اللعبة بل هو نتاج أعمال وعمر تجاوز النصف قرن من الزمان ...

( ليس وليد ذلك الفتى الذي يلعب بلاي ستيشن طوال اليوم أو يجلس أمام التليفزيون ليتابع آخر حفلات نجم الجير )

في عشرينات القرن الماضي وأثناء الإنهيار السريع والفظيع الذي ألَّم بالإقتصاد الأمريكي – معقل الرأسمالية على مستوى العالم – كان النظر إلى ما حدث على كونه فاجعة ليس لها مثيل فلك فقط أن تتخيل أن أباطرة الإقتصاد ، وفاحشي الثراء ، يتحولون بضربة واحدة إلى كبار المتسولين ، أمر غريب !!!

( لدينا هنا كبار الأثرياء والمستثمرين وأباطرة الإقتصاد يحولونا نحن لمتسولين ولكن لكي نأمل أن يحدث العكس ، ليس في هذا الجيل ، بل عليك أن تنتظر المستحيل الخمسين )

فيما حدث داخل تلك الفترة أصبح المجتمع الأمريكي يبحث عن طريقة جديدة لكي يحصل على أموال وأن يتحرك من ذلك الركود الغريب الذي أصاب إقتصاده وبالفعل حاولوا جاهدين لكي يخرجوا من هذا الركود و....

واتجهت الأنظار مرة واحدة لذلك الكيان الجديد والذي تواجد فى تلك الفترة وكان باعثا على تحريك الإقتصاد مرة أخرى ألا وهو البورصة ، فبإعتبارها أمرا جديدا تستطيع الحصول منه على نسبة من الأرباح ويتحرك الإقتصاد – أي نعم ببطء ولكنه سيتحرك – فالسهم كان يشترى على الهامش بمعنى التقسيط * ، ولكن داخل السراديب كان هناك رأي أخر ..

الكل كان قلقا لا يعرف الصواب من الخطأ ، فالشرطة الفيدرالية بكل قوتها وقفت أمام الأمر لسببين :

الأول : حتى لا يتم التجمهر أمامها .

الثاني : حتى لا تفقد سلطانها الذي بنته فى وجه المواطنين الأمريكيين .

ولهذا وقفت تاركة الأمر كما هو ، بل والأدهى إنها سايرته وبالفعل أثبتت البورصة نجاحها عن طريق عبارتين شعبيتين :

" ماشية بالبركة "

و

" ما توقفش المراكب السايرة "

وبعد مرور تلك الفترة من تلك الحادثة القديمة ، قرر خبراء الإقتصاد الرأي الفيصل والواضح ، فهم لاحظوا أن الأمر يتم عن دراية أو معرفة مسبقة بما سيتم في الإقتصاد ، ولهذا كانوا مذعورين مما بات مؤكدا لديهم ألا وهو الإنهيار الوشيك لنظام البورصة ...

ومع هذا كان للولايات المتحدة طريقة رائعة لكي تطيل النفس فى ذلك الإنهيار التدريجي فبخبرة الماضي والحاسبات الآلية وما حدث لها من إنهيار للبورصة وإكتساب خبرة بسبب العمليات التجارية وكونها دولة رأسمالية استطاعت أن تؤجل إنهيار البورصة لمدة أطول من الإنهيار المحتم فى وقت واحد نتيجة كونها حاملة لشهادة خبرة تقول :

" تم التعامل مع الأمر من قبل واكتسبنا خبرة الإحتكاك "

وما يثير السخرية داخل أوطاننا ، هو كوننا على الرغم من عدم حملنا لأي شهادة خبرة حتى في معاملة ومجالسة الأطفال إلا أن الكل يتعاملون مع البورصة كأنهم خبراء بل أكثر من الخبراء في مسألة البورصة تلك ، فهذا الموظف الأنيق الملبس ، الذي يضع سماعة " الهاند فري " أو " البولوتوث " في أذنه ويتحدث دائما بلغة الأسهم والأرصدة والسندات وإرتفاع الأسعار وإنخفاضها ، هل هو على علم بما يجري داخل البورصة أم إنها مجرد أقوال من نسج الخيال ...

( تجده خارجا ويتحدث ، أيوة حضرتك يا أفندم سعر سهم الأسمنت وصل لخمسة عشر جنيها ، وسعر الدجاج وصل لكذا ، حسنا اللحمة نفسها وصلت الجمعية الإستهلاكية – هو لسة فيه جمعية إستهلاكية – ولا لسة ما وصلتش ؟ )

لا أعتقد هذا الفتى الخبير صاحب جهاز " البولوتوث " أو " البيجر " يدري شيئا عما يحدث داخل البورصة الداخلية وإلا كان تنبأ أو على الأقل شعر بهذا الإنهيار التدريجي أو متتابع أو مفاجئ كما حدث في البورصة العالمية ، أليست كل البورصات في جميع أنحاء العالم مرتبطة ببعضها البعض ، فانت تستغرب فخبراء الإقتصاد الذين تعاملوا مع ذلك الكيان منذ نعومة أظافرهم وحتى هذا الوقت لم يستطيعوا أن يفهموا أمور البورصة بشكل جيد ، لكن شبابنا ما شاء الله يفيدوك بكل كبيرة وصغيرة داخل البورصة .

( ألم اقل يمسك التراب يحوله لذهب ، أو يضرب الأرض يطلع بطيخ )

ولكن لكون الكل يريد تحويل التراب لذهب لم يسأل نفسه هل هذا الذهب حلال ، أو بمعنى أصح هل المضاربة فى البورصة حلال أم حرام ؟

في الوقت الراهن لا يبحث أحد عن مشروعية الأمر من عدمه ، فالفكرة المسيطرة على العقل هي الربح المالي السريع أو كيفية الحصول على الذهب ، فهل تلك الوعود الكاذبة أو الأماني الحمقاء التي رسمتها لنفسك هل تتحقق أم إنها وهم تعيش فيه ؟

ودون الدخول في الفتاوي ودون التعرض لأحكام فقهية ، نتحدث عن تلك البورصة التي تتواجد لدينا والتي أثبتت ضعف وإنهيار الإمكانيات العربية في مواجهة سوق المال ، فلا تستحق العناء بل تحتاج لأن يكون هناك خبراء تتعامل مع تلك الأمور بحقيقة واقعية ومعروفة ألا وهي أن كبار الخبراء على مستوى العالم من العاملين فى البورصة لم يستطيعوا أن يجدوا حلولا أو أن يواجهوا تلك المشكلة والتي أدت في النهاية إلى إنهيار الإقتصاد العالمي وبإعتبار أن الجميع يتعامل مع البورصة على كونها ربحا يعطيك ريعا سريعا ويعطيك صافي الأرباح بسرعة وسهولة ويسر ، وقد عانوا من مغبة هذا الأمر والتراجع الذي لاحقهم ، فكيف لنا نحن الذين لم يمتلكوا أي خبرات سابقة أو مواجهات مع سوق البورصة فهي وليدة في مجتمعاتنا ، فلماذا نتعامل بمثل تلك الثقة ؟ !!!

( نحن أناس ثقة فى كل أمرٍ ، نتعامل بثقة لأننا العباقرة ونأخذ كل أمر بالفهلوة ، والمثل المتبع ، كل بعقل الزبون حلاوة ، والحلاوة ليست سايبة ، بل مغلفة بالكلمات البراقة والوعود المعسولة ، يذكرك الأمر بوعود الحكومة فى زيادة دخل الفرد )

إن البورصة ليست خيال وليست وهم من الأساطير ولكنها عملية تتم عن طريق عدد من العمليات الدقيقة والتي تُرسم بدقة بالغة لذلك واجب علينا أن نرى كيف تتم المضاربة في البورصة وطريقة العمل الصحيحة ، ليست كتلك العمليات التي نراها ولا تلك الأمور التي تحدث وأناس تجري وهناك وتنظر للشاشة وتتابع الأرقام وأسهم تعلو وأخرى تهبط ، ووعود وأماني بعضها يتحقق والأخر يساوي قبضتك على السراب فعلينا أن نعرف إلى أين تقودنا أرجلنا حتى نعرف الحقيقة من الواقع الممزوج بالخيال ، ونعلم جيدا أن كل فردٍ لا يستطيع أن يحول الرمل والتراب إلى ذهب ...

________________________

* التقسيط أي تقسيط سعر السهم وهكذا بمعنى أن يستفيد المستثمر وتستفيد انت أيضا ، فهي منفعة متبادلة في ذلك الوقت .

I.M.S.A

M.S.M.O

0 اتجننوا معانا:

:)) ;)) ;;) :D ;) :p :(( :) :( :X =(( :-o :-/ :-* :| 8-} :)] ~x( :-t b-( :-L x( =))

إرسال تعليق

خد راحتك في الجنان معنا حرية الرأي مكفولة للجميع حتي لو هتجنن علينا
نظرا لوجود مشاكل في نظام التعليقات لغير معرفين برجاء عدم التعليق بغير معرف منعا لاختفاء التعليقات