لا اعلم أين انا ؟ ، اعتقد إني لم ارَ هذا المكان من قبل ، هذه الوجوه ، وهذه الأشكال انا على يقين إني لم ارها ، جلست اتساءل أين انا أو ماذا حل بي ؟ ولكني لم اجد اجابة ، شعرت فجأة بأحد يقترب مني فنظرت لأجد شخصا يقف امامي كانت ملامحه تشي بمنبته وشعرت بإنقباض فى نفسي من مجرد النظر إليه وبدون اذن جلس امامي ....
جلس اعتقد ذلك فلا ارى امامي مقاعد أو أي شئ يصلح للجلوس عليه ولكنه جالس وانا أيضا ، نظر لي وبدأ فى سؤالي :
- من انت ؟
نظرت تجاهه وقلت له بصوت مختنق :
- بل من انت ؟
قال لي : انا كاهان ، يهودي ، وانت ؟
نظرت له بدهشة ممزوجة بالغضب فانا لم اقابل يهوديا من قبل ، ولم اتعامل مع مَن هم مِن جلدته سابقا ولكني ابتلعت كل هذا وحاولت أن اقوم لألكمه على كل ما يفعلوه بنا ولكني وجدت نفسي ثقيل الحركة اشبه بالمقيد ، فنظرت له بغضب مكتوم وقلت :
انا عبد الله ، مسلم وافتخر، قلتها وانا ارفع رأسي بشموخ .
نظر لي بسخرية ورد :
ولماذا تفتخر ، هل انت مسلم كالمسلمين الاوائل ؟
نظرت له وتوقفت فلقد كنت سأحاول قتله إن سب الإسلام ، ولكنه ألجمني ..
بالفعل لديه حق كيف يحق للمسلمين أن يفتخروا الآن فنحن نعتبر مسلمين بالكلمة فقط ، ولكننا لا نقوم بما يقوم به المسلمون الأوائل من واجبات تجاه الإسلام . فعدت وقلت له :
يكفي إني عربي، وافتخر بهذا .
ازدادت ابتسامة السخرية في وجهه ورد بسخرية لاذعة :
وما الذي يجعلك تفتخر بكونك عربي ، فهل تحمل أي من صفات العربي ؟.
مرة اخري ألجمني هذا الوغد ، فنحن لم ننجد أخا أو ننصر ضعيفا ولم نقف في وجه الظلم ، ولم نقتل من انتهك عرضا ولم........ولم........
فاذدردت ريقي وقلت :
يكفي إني مصري أو سوري أو لبناني أو .........( اختار الجنسية التي تحب ) ، وافتخر .
اطلق لاول مرة ضحكة ساخرة عالية وقال بتهكم :
ولماذا تفتخر ، إن تاريخ تلك الدول له أناس صنعوه وليس انت ، فلما تفتخر بكونك منهم ؟.
توقفت قبل أن ارد هذه المرة ، لقد أوقعني هذا الوغد في مكيدة لا فكاك منها ، فهو حين قلت له إني مسلم جردني من تلك الصفة بسهولة ، ففكرت بالهروب لصفة أقل ، وحين قلت إني عربي جردني من تلك الصفة ايضا وجعلني اهرب لصفة أقل ،وحين قلت إني ( مصري ، سوري ، لبناني ، مغربي ، ............) جردني من حضارات تلك الأمم ، فمَن هذا الحقير الذي فعل بي هذا ؟.*
نظرت له وقلت :
وانت يا كاهان ماذا تعمل ؟
نظر لي وقال بهدوء صارم ساخر وضغط علي كلماته بخبث ودهاء:
انظر يا حبيبي ، انا الكيان كاملا ، انا مَن فعل بك هذا ، إنه عملي أن اجعلك هكذا وتظل هكذا ، اتعلم كيف ؟
نظرت له بتساؤل فنظر في عيني مباشرة وقال لي :
حسنا سأخبرك ..
" احقا تريد أن تعلم كيف ؟ "
انتزعني هذا السؤال من التحديق في عيني كاهان ، فانتفضت في مكاني ، ثم عدت وتماسكت ورددت عليه بتوتر :
بالتأكيد اريد أن اعلم كيف قمت بكل هذا معي ؟
تراجع بجسده العلوي إلى الخلف وقال لي :
عبر ثلاثة أبعاد رئيسية ........
قاطعته في دهشة :
ثلاثة أبعاد ، هل نحن في درس فيزياء .
ضحك علي من سذاجتي ورد :
هل ستقاطعني كل دقيقة أم ماذا ؟
كنت اريد لكم أنفه الذي يشبه منقار الصقر ولكني توقفت عند جملته بلى لماذا اقاطعه ؟ ، بل سأظل صامتا حتي اعلم ماذا يخفي لي ؟، وبماذا يفكر تجاهي ؟.
فحثيته على التكملة فأخذ نفسا عميقا كمن سيغوص في الماء واكمل حديثه :
الأبعاد تلك لم تنشأ من فراغ فالبُعد الأول كان بُعد الدين والأخلاق ولقد عانيت منه كثيرا ، بينما البُعد الثاني كان البُعد الاجتماعي ، وهذا أخذ وقتا نسبيا نستطيع أن نقول عنه طويلا ولكن ليس كالبُعد الأول ، بينما البُعد الثالث هو السياسي وهذا كان اسهلهم وأيسرهم .
توقفت كثيرا على كلامه الذي أحاول أن افهمه ، هذا الوغد منظم عني بكثير لقد عشقت الفوضى والإستهتار حتى صعُب على عقلي أن يساير هذا الحقير ولكن والحمد لله تبقي لي النذر اليسير من القدرة على الفهم حتى استطيع مجاراة هذا الهمجي ، وبنظرتي الساذجة دفعته للتكملة ...
ماذا بك يا عبد الله ؟، هل تعبت من الحديث أم أن كلامي غير مفهوم .
كنت سأقول له إن كلامه مفهوم بالنسبة لي ولكني توقفت قبل أن اقع في هذا الخطأ ، فإن قلت له إني افهم كان سيتوقف عن الحديث لأني فهمت مقصده فهو يهودي خبيث قبل كل شئ واعتقد إنه لم يأت للحديث معي إلا لأنني عسير الفهم ولا استطيع أن افهمه لهذا هو يتكلم بحرية وسهولة دون خبث أو دهاء أو مكر - كعادة بني جلده - ، ومثلت تلك النظرة الساذجة التي أصبحت جزء من شخصيتي ، مما دفعه إلى الكلام قائلا بإسلوب عجيب يجمع بين الثقة والغرور والخبث لا يتوافر إلا ليهودي يواجه انسانا ضعيفا مثلي :
بأي الأبعاد تحب أن نبدأ يا صديقي ؟
نظرت تجاهه بأي بُعد ابدأ ، بالقوي وهو الدين أم بالأوسط وهو الإجتماعي أم بالأضعف وهو السياسي ، ايهم ابدأ ؟.
نظرت له وجلست افكر وافكر ، ثم نظرت له وتمتمت بعبارة مبهمة فنظر لي وادني أُذنه مني وسألني :
بماذا تتمتم ؟ أهناك شيئا ؟
هززت رأسي بالنفي وقلت له :
فلنبدأ بالبُعد الذي تريد الحديث عنه .
نظر لي وقال :
من الواضح إنك انسان لا تعرف كيف تتخذ القرار ؟، وعلى العموم هذه عادتك منذ أصبحت ضعيفا تنتظر غيرك ليأخذ لك قرارك .
كنت ساسأله من أين علم هذا ؟، ثم توقفت بالفعل كل قراراتي لا آخذها بنفسي بل هناك مَن يفرضها علي ، وكان غالبا ما يكون هذا الوغد وراء أي قرار يفرض علي ، ولكني قررت ألا ادخل معه فى مناقشات تخصني بل لن اخرج عن القضية معه ، فنظرت له وسألته بإرتباك :
كاهان ألن تكمل كلامك ؟
نظر لي وغمغم بسخرية :
أفضولك يقتلك من اجل أن تعلم ؟
هززت رأسي وقلت :
بلى ، يكاد يقتلني .
فرد قائلا :
حسنا سأقول لك كيف استخدمت البعد الديني ؟، أتعلم أي دين ومبدأ ساعدني على تدميرك وتراجعك والذي جعلك على تلك الحالة ؟
نظرت له وانا افكر هل هو دينه ؟، لا اعتقد ، ولكنه قاطع تفكيري قائلا بغضب وغيظ :
انه دينك ، اجل دينك ....... الدين الإسلامي الذي تدين به .
نظرت له بذهول ديني السبب فى تدميري وتراجعي وإنهياري ، كيف هذا ؟. ويبدو أن الوغد قرأ افكاري فقال لي :
انت مندهش ، أليس كذلك ؟ حسنا سأخبرك ............
* معذرة على كلمة صفة اقل غرضي أن الإسلام يشمل بداخله كل الصفات الأخرى من عربي أو أعجمي فلا تعتبر الكلمة تجريحا في أي جنسية أو أي صفة ..
I.M.S.A
M.S.M.O
احسنت
ردحذفوللاسف
انها الحقيقه
دمت مبدعا
شكرا على المرور
ردحذفمنورنا بردودك
وتفاعلك معنا فى المدونة
العفو ده وااجب علينا
ردحذفنساند الاصوات الجريئه من الشباب
شكرا جدا على تلك المساندة
ردحذفوفقنا الله جميعا إلى ما فيه الخير
الحوار رائع و أسلوبه مبسط و مقنع جدا
ردحذفعبرت عن إعجابي به أكثر من مرة و لازلت أعبر عن إعجابي الشديد به
بارك الله فيك و جعل كل ما تكتب في ميزان حسناتك
اشكرك على المرور الرائع والمميز
ردحذفاتمنى ان تتابعي باقي حلقات الحوار
اهلا بكِ فى مدونة المجانين ..
فين باقي الحلقات ؟
ردحذففى القريب إن شاء الله
ردحذفغدا أو بعد غدِ ثاني الحلقات
بإذن الله تعالى
حلقة رائعة وحوار أكثر من رائع
ردحذفمبدع كعادتك ياأخي
متابع معك بإذن الله باقي الحلقات
شكرا لك
شكرا وورلد على المرور
ردحذفومتابعة الحوار